الكتاب يعرض رحلة الفكر الفلسفي بوصفه محاولة الإنسان المستمرة لفهم الوجود، الحقيقة، والمعنى، وكيف أثرت الفلسفة في تكوين العلوم والأديان والفكر الإنساني عامةً .
ترى على أي عصر سيعيشون بعدنا؟ هكذا سأل رينان، وهكذا يجب أن نسأل ففي التاريخ تتطور أحداث عادية إلى وقائع مهمة، كما يتحول ما يبدو هاما في يوم ما إلى عديم القيمة فيما بعد. لذا من العبث أن نقرر عزل ما يميز مرحلة عن جوانبها المختلفة في عصر ما. فسيرورة تحولات المعنى لن تنتهي أبدا، مثلما ليس مؤكدا في الحياة أين سينتهي أي حدث. لذا تحاول هذه الدراسة أن تظهر نقطة التحول الحاسمة بين اكتمال هيجل والبداية الجديدة لنيتشه لتثير في ضوء الحاضر الأهمية التاريخية لمرحلة كاد يطويها النسيان.
ظهر هذا الكتاب بعد الحرب العالمية الثانية، أي بعد صمت مدافع النازيين والفاشيين وبداية مراجعة الفكر الذي أنتج النازية والفاشية. ولعل هذا الكتاب خير وثيقة نظرية وتاريخية أيضا، تعبر عن ذلك الصراع الفكري المحتدم بين الفكرين اليساري الذي يعبر عنه الكتاب، واليميني (اللاعقلاني). وهذه الثنائية تعبر عن وجهة نظر الكاتب، وهي في الوقت نفسه، ثنائية حكمت سياسيًا وأيديولوجيا وفكريا القسم الأوسع من القرن العشرين.
من لوثر إلى نيتشه، في هذه الفترة تكونت القومية الألمانية وفيها نشأ الفكر الألماني بالكشف عن مقوماته الخاصة. يعتبر هذا الكتاب من أهم المراجع عن هذا الموضوع وأوثقها وأقربها متناولاً إلى ذهن المثقف، كما أنه مرجع أساس للطالب الجامعي يجد فيه خلاصة واضحة عن أهم مفكري ألمانيا، ومنهم إلى جانب لوثر ونيتشه فيخته وهيجل وماركس، وعن أهم شعرائها (جوته) وموسيقييها (فاجنر)، الخ... وأهم من هذا وذاك المشكلات التي والطرق التي تُفتح أمام الفكر الإنساني.