سيلتفت القارئ في هذه السيرة إلى أمر جدير بالاهتمام والنقد الموضوعي، بأن صاحبها من البعثيين القلائل الذين اعترفوا بجسامة الممارسات الدموية التي ارتكبها حزبه خلال مسيرته لا سيّما أثناء سيطرته على السلطة في 8 شباط 1963، تجاه الشيوعيين وضد كل القوى السياسية والشعب العراقي عموما، فقد قال له وماعليه بكل أمانة وتجرد عن الانحياز، إذ انتقد بشدة رفاقه البعثيين بمثل ما انتقد به الشيوعيين، ولم يتورع عن إدانة حزبه بقدر إدانته للحزب الشيوعي، لأن كلا الحزبين، من وجهة نظره المنصفة، إنشغلا بصراعات جانبية ثأرية حاقدة، وأمعنا في فوضى الصراع على السلطة، ولم يقدما إلى العراق وشعبه طريقا ومسلكا واضحًا للخلاص. وما يحسب لصاحب هذه السيرة، أنه أدان نفسه بقسوة قبل أن يدينه أحد، وقدم اعتذاره إلى كل عراقي شعر في يوم ما أنه كان سببًا في اضطهاده. والحق أن تأخر الإعلان عن الاعتذار والإدانة خير من أن لا يأتيان أبدا.